أخبار و مستجدات

ملخص الجمعة

‏غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم وواقعنا

2025-10-17

بسم الله الرحمن الرحيم
موقف سياسي أسبوعي: خطبة الجمعة:
بتاريخ 25 ربيع الآخر 1447هـ الموافق له 17 تشرين الاول 2025م
‏غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم وواقعنا
إذا استعرضنا غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم كاملة خلال السنوات العشر التي قضاها في المدينة المنورة والتي تبلغ حوالي احد عشر غزوة، حسب الاجتهادات المتنوعة، وطبعا الغزوات الرئيسية هي بدر السنة 2 للهجرة، وأُحد السنة 3، الأحزاب السنة 5، فتح مكة السنة 8، حنين السنة 8 أيضا، تبوك السنة 9، ولا بد ان نضيف الغزوات الأربعة ضد اليهود، وهي غزوات صغيرة بالمعنى العسكري ولكنها ذات دلالة هامة جدا في البعد المعنوي والعقائدي …الخ، وهي قينقاع 2 ، النضير 4 ، قريظة 5 وخيبر 6، ولا بد أن نذكر صلح الحديبية، وهي ليست غزوة، ولكن المؤرخين يعتبرونها كذلك، لأن صلح الحديبية مقدمة هامة لفتح مكة، وتبقى مؤتة، التي لم يشارك فيها الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكنها تسمى مجازاً غزوة، لأن حجمها كبير فقد واجه فيها ثلاثة الاف من المسلمين، مئتي الف من الروم وحلفاءهم من العرب الغساسنة، وبعد استشهاد القادة الثلاثة استطاع خالد بن الوليد ان يحقق انسحاباً مدروساً بأقل الخسائر، وهي ايضاً في اوائل العام الثامن.
كل هذه الغزوات تفيدنا أمراً رئيسياً مختصراً: (... وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (10)) (الانفال)، يقدم المسلمون النية الطيبة، والعزم الصادق، والاعداد ضمن الامكانيات، فاذا ما قدم المسلمون ذلك اتى النصر من عند الله.
كان مثل بدر أوضح الامثلة، فقد هيأ الله مكان المعركة، (... وَلَوْ تَوَاعَدتُّمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ..(42)) (الانفال)، ومنّ عليهم بالنوم المريح وأهطل المطر حيث المسلمون ولم يهطل عند المشركين وانزل الملائكة ... الخ، (إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ (11)) (الانفال)، في أُحد الهزيمة من عند الله (...ثم صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ .... (152)) (آل عمران)، في الاحزاب: قدم المسلمون امراً مميزاً، وهو الخندق الذي يبلغ طوله خمسة كيلو مترات ونصف، عرضه حوالي 4 امتار ونصف وعمقه اكثر من ثلاثة امتار، تم كل ذلك في ستة ايام على الارجح، وكان هذا امراً مذهلاً، ولكنه امر دفاعي لا يكفي لرد الحصار في مواجهة 10 الاف من كافة قبائل العرب الذين اجتمعوا على قتال المسلمين بهدف استئصالهم، فتكفل الله تعالى ذلك فأرسل الريح العاتية التي اطفأت نارهم واقتلعت خيامهم وقلبت قدروهم، فانسحبوا خائبين.
استناداً الى ذلك نقول ان اهل غزة قدموا اكثر ما يمكن ان يقدم شعب لاجل النصر وانتصارا للحق في وجه الباطل، فنقول، والله اعلم، انهم يستحقون نصرا مؤزراً، وسيكون باذن الله، عاجلاً ام آجلاً، اما الآن فقد عبّر عن هذا "النصر" أو عن بعض ملامحه، الرئيس ترامب بنفسه، فلقد أجمع المحللون أنه حرص على وقف إطلاق النار حتى ينقذ إسرائيل من جنون نتنياهو، الذي لم يحقق الاهداف الذي اعلنها، وكان ذلك واضحا عندما توجه نتنياهو وقال له، لن تستطيع أن تحارب العالم وحدك، وتملق له وكذب كثيرا عندما كان يردد، أن السلاح الذي أعطته اميركا لإسرائيل استعملته كأفضل ما يمكن، وهو يعلم أن هذا كذب، وحاول أن يتقرب من حماس عندما قال، لقد أخبروني أنهم سيسلمون السلاح، ولم يعلق أحد على هذا الكلام، ثم قال أن حماس تقتل عصابة الأشرار، لا بأس، ثم تراجع…الخ، وبرر لحماس عدم تسليم الجثامين المطمورة تحت الانقاض.
‏كل ذلك إشارات إلى أن نصرا ما، يعترف به العالم كله، رغم الدمار والابادة، ألا يكفي أن يقال أن قطاع غزة ذا الأربعين كيلو مترا، شاطئا، وحوالي 12 كيلومتر عمقاً، هذه المساحة البسيطة تفاوض العالم كله، بما فيها أقوى الدول وأعتاها، إن كل ذلك يؤكد أن غزة لم تهزم وإنها فرضت نفسها على العالم كله.
وللذين يقولون ان خمسة بالمئة من اهل غزة استشهدوا، نقول ان عشرة بالمئة من اهل الجزائر استشهدوا ومثلهم في فيتنام ... الخ، لا يقاس الاوطان بعدد الضحايا بل ان مستقبل الشعوب يكتبه الشهداء والابطال بغض النظر عن الخسائر.
المهم الا تؤدي الخسائر الى الهزيمة النفسية والتراجع، والى تصديق رواية العدو كما فعل (سمير جعجع) مثلاً بعد الغارة على معدات البناء والحفر في المصيلح، اذ قال بكل وقاحة ان الاستنكار يشبه دموع التماسيح، فليسلموا السلاح تنتهي القصة، يعني انه يثق بالعدو الصهيوني ويتكلم بمنطقه، ولم ير ما حصل في سوريا واستمرار الغارات رغم كل التطمينات، ولم يشاهد نتنياهو وهو يعلن اسرائيل الكبرى، انه لا يقرأ جيداً ولا يستطيع ان يرى الحقائق، ان مثل هذا الفريق يضعف الموقف اللبناني ويضرب الموقف الوطني الذي نحتاجه موحداً لمواجهة المؤامرة الصهيونية المدعومة اميركياَ، ان مثل هذا التصريح السخيف يرتد على صاحبه ولا يؤذي موقف المقاومة المتماسك.
وان غارات الامس التي بلغت حوالي الثلاثين، تؤكد ان هذا المنطق المنحرف خاطئ، بل متواطئ مع العدو، ان الرسالة الصهيونية تقول: ان الاعمار ممنوع وكل اشكال الحياة ممنوعة، كما ان تدمير غزة بالشكل الذي نراه، والعدوان على كل اشكال الحياة، يؤكد ان العدو هو ضد الشعوب، وانه يؤكد ان الصراع صراع وجود وليس صراع حدود، وان القصة ليست سلاح المقاومة، كما يقول البسطاء او العملاء.
رابط فيديو: خطبة الجمعة: 17-10-2025:
https://www.facebook.com/share/v/19nupVf1KD/?mibextid=wwXIfr