مقابلة لسماحة الشيخ ماهر حمود مع وكالة القدس للأنباء بمناسبة حرب تموز 2006
2020-07-14

مقابلة رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة سماحة الشيخ ماهر حمود
مع وكالة القدس للأنباء بمناسبة حرب تموز 2006
۱- ما كانت الأهداف الاصلية للكيان الاسرائيلي للهجوم علي لبنان (رغم أن اسرائيل زعمت أن الحرب شنت عقب اختطاف جنديين عسكريين اسرائيلين)؟
بسم الله الرحمن الرحيم:
بدون أدنى شك، لقد ثبت بالدليل القاطع ان هدف عدوان تموز 2006لم يكن ردة فعل على خطف الجنديين، بل كان امرا مخططا له على اساس ان يتم تنفيذه في الخريف،ولكن أسر الجنديين عجل بتنفيذ المخطط، وكان هذا من توفيق الله وتسديده للمقاومة، ولقد تحدث عن ذلك سماحة السيد حسن نصر الله في اكثر من مناسبة، وزود المقربين منه بمعلومات اكثر دقة عن هذا الامر، وباعتبار المعلومات التي بحوزتنا، فإننا اصبحنا على يقين بان هذا العدوان لم يكن وليد ساعته، ويؤكد ذلك ايضا حجم هذا العدوان وما حشده العدو الصهيوني من عتاد وأسلحة، كما ان ردود فعل الجهات المؤيدة للعدوان كانت سريعة جدا، مما يؤكد انهم قد وضعوا في اجواء هذا العدوان والاهداف الحقيقية للعدو الصهيوني.
۲-أظهرت حرب ٢٠٠٦ فشل اسرائيل أمام حركة صغيرة عسكرية، و لم تستطيع تحقيق اهدافها رغم أنها انتصرت خلال حروب ماضیة علی العرب؟
ان الانتصار في الحروب لا يكون فقط نتيجة العدد والعدة، وبالتاكيد لن يكون نتيجة ضجيج اعلامي او سيل من الخطابات الرنانة، لقد كانت حروب العرب ضد اسرائيل كلها تقريبا حروبا اعلامية وخطابية، ولم يكن خلفها تحضير حقيقي او نية صادقة وعزم اكيد للمواجهة، كما ان " اسرار" هذه الحروب وصلت الى العدو الاسرائيلي قبل وقوعها، وذلك من خلال المسؤولين العرب الكبار الذين كانوا على علاقة وثيقة مع الصهاينة، كما ان العدو الصهيوني في المقابل كان يتلقى دعما امريكيا وغربيا غير محدود، ولم يكن انتصار الصهاينة فقط بقوتهم الذاتية، على سبيل المثال فقط، ان اختراق جيش العدو الاسرائيلي لخطوط الدفاع المصرية في حرب 1973فيما سمي وقتها " بالدفرسوار" كان اعتمادا على صور من الاقمار الصناعية الامريكية ارسلتها الى العدو الصهيوني لتبين لهم نقاط ابضعف في الجبهة المصرية، وكان وقتها ما يسمى " الحديقة الصيني…مثل ذلك كثير، أما المقاومة فقد توفر عندها العزم الاكيد والرؤية الواضحة والدعم الصادق من الجمهورية الاسلامية ومحور المقاومة، كما انها بحول الله تعالى لم تخترق امنيا على الاطلاق وهذا لم يحصل تقريبا في اية جهة خاضت حروبا مع الكيان الصهيوني، ولا شك ان هنالك اسبابا أخرى، قال تعالى: (وما النصر الا من عند الله العزيز الحكيم).
۳-ماهی التداعیات الداخلیة للکیان الإسرائیلی (اقتصادی، اجتماعی، سیاسی و ...) عقب الحرب حتی الیوم؟
لا شك ان الدعاية الصهيونية التي روجها العدو الصهيوني ومن يدعمه بان الجيش الصهيوني لا يقهر قد سقطت، ولا شك ايضا ان الفكرة الصهيونية التي تتحدث عن ارض العسل والبخور، يعني ارض الميعاد قد اهتزت من جذورها، كما ان الهجرة الى الارض المحتلة تراجعت ايضا، وان من اهم نتائج هذه الحرب ان المغتصب الصهيوني اصبح يصدق المقاومة وسيدها اكثر مما يصدق زعماءه وقادته العسكريين والسياسيين.
۴-ماهی المعادلات الجدیدة عقب حرب تموز فی المنطقة؟
اهم هذه المعادلات: توازن الرعب، فلم يعد الصهيوني هو من يقرر شن حرب او انهاءها، لم يعد صاحب قرار الحرب والسلم، ولم تعد الارض اللبنانية مستباحة كما كانت سابقا، يمارس فيها العدو الصهيوني العدوان والاغتيال دون رقيب او حسيب. ومن اهم النتائج ان انتصار تموز 2006مثل النموذج والقدوة لاهلنا في فلسطين فكانت الانتصارات المتتالية بحول الله تعالى في الاعوام 2009 و 2012و 2015 فضلا عن المعارك الصغيرة والتي كان العدو الصهيوني في كل مرة يطلب فيها وقف اطلاق النار اعترافا بعجزه عن تحقيق اهدافه العدوانية.
۵-ماهو تقدیرکم لدور قیادة السید حسن نصرالله و الشهیدان عماد مغنیة و سلیمانی فی حرب 2006؟
أما بالنسبة للقيادة، فهي موهبة من الله، القادة العسكريون البارزون في التاريخ أخذوا العلم العسكري من الكليات العسكرية بما يوازي عشرين بالمئة أو ثلاثين بالمئة والله أعلم، مما ظهر في أعمالهم العسكرية، وفي معاركهم التي أبرزت صفاتهم ومواهبهم، وقد رأينا في التاريخ قادة عسكريين نبغوا وانتصروا وحققوا ما يشبه المعجزات قبل الاسلام وبعد الاسلام بعقولهم وليس من خلال تعليم احد. الذين ذكرتهم، السيد حسن نصر الله، الحاج عماد مغنية، الحاج قاسم سليماني، وهبهم الله قدرة قيادية عسكرية وأمنية مميزة، فحازوا ما حازوا بقدرة الله تعالى، وليست الشهرة التي اكتسبوها قد أتت من فراغ، بل أتت بالفعل من إنجازات رآها الناس بأم العين، وتزداد الموهبة تألقا عندما رافقها التقوى، كما قال تعالى:" واتقوا الله، ويعلمكم الله"، هنالك تقوى تضفي على العبقرية هذه زيادة في العطاء وتسديدا في الأحداث ووضوحا في الرؤية، وكذلك النية، بمعنى أن كثيرا هم موهوبون، ولكن موهبتهم سخرت لأذى الناس، أو للوصول إلى أهداف شخصية، أما أبطالنا الذين ذكرناهم فينطبق عليهم قوله تعالى: " تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الارض ولا فسادا والعاقبة للمتقين"، لم نشعر بأي عمل من أعمالهم بأنهم أرادوا علوا في الأرض ولا فسادا أو أهدافا شخصية أو ما إلى ذلك، فوفقهم الله لقيادة مميزة.