سماحة الشيخ ماهر حمود تعليقا على المقابلة التلفزيونية على قناة الجزيرة بعنوان عبرا.. من اطلق الرصاصة الاولى: حول ظاهرة احمد الاسير
2017-03-05

بسم الله الرحمن الرحيم
صيدا: 9 جمادي الثاني 1438هـ
الموافق له 8 آذار 2017م
تعليقا على حلقة الجزيرة:
من اطلق الرصاصة الاولى؟
يشعر الانسان المسلم بحزن عميق لان جزءا عزيزا من الامة غرق في الضلال والفتنة ولا يزال، كما نحزن لأن الاباطيل والدجل والبهتان تستطيع ان تنتشر في مجتمعنا بهذه القوة، بل وان يصبح كل هذا هو الاصل، فيما الحقائق تصبح موضع اتهام، وقد لا نستغرب ذلك عندما نقرأ حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: إن بين يدي الساعة سنينا خداعة يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخون فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة" قيل: يا رسول الله: وما الرويبضة ؟ قال: " الامرؤ التافه يتكلم في أمر العامة.
ويصبح الذنب اكبر عندما تكون الحقائق واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، ولكن كيف يرى نور الشمس من يرفض نورها ويستغشى ثيابه ويصم اذنيه ويصر ويستكبر استكبارا.
ولنا على ذلك التعليق التالي:
اولا: عتب علينا بعض الاصدقاء لأننا شاركنا في حلقة لجهة اعلامية دأبت منذ سنوات على بث الفتنة والترويج للمؤامرة بإمكانياتها الهائلة، وللرد على ذلك نقول ما قاله دعاة الحق في بني اسرائيل على من عتب عليهم لأنهم يضيعون وقتهم فيمن لا تُرجى توبته: {وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} (سورة الأَعراف 164).
اذن عملوا على الاحتمال البسيط (... ولعلهم يتقون)، ونحن كذلك مع علمنا ان الثعلب لن يتوب عن سرقة الدجاج، شاركنا في هذه الحلقة ولكن عذر الثعلب انه فُطر على ذلك فيما الكاذب المضل يفعل ذلك بمحض ارادته.
ثانيا: باعتبار ان المحطة المذكورة اخلت بوعدها، كما توقعنا، واجتزأت كلامنا ولم تنشر المقاطع الاكثر اقناعا والأكثر أهمية، فاننا ندعو من يرغب الى مشاهدة كلامنا على وسائل التواصل الاجتماعي ففيه كل الحقائق التي سئلنا عنها.
ثالثا: ان الشتائم التي صدرت عن البعض لم تفاجئنا، بل هي تؤكد انهم لا يملكون ادلة او حججا فعمدوا الى الشتائم التي هي صفتهم، وكما قال الامام الشافعي رضي الله عنه:
اذا نطق السفيه فلا تجبه وخير من اجابته السكوت
سكت عنه السفيه فظن اني عييت عن الجواب وما عييت
وكذلك:
يخاطبني السفيه بكل قبح فأكره أن أكون له مجيبا
يزيد سفاهة فأزيد حلماً كعود زاده الإحراق طيبا
رابعا: انني اتساءل عن موقف هؤلاء عندما تكشف الحقائق الكاملة، بل عندما تؤكد بالوثائق، فما قلناه حقائق دامغة عشناها لحظة بلحظة، فيما الآخرون "يرشقون" كلامهم من بعيد مما يذكر بقوله تعالى { وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} (سورة سبأ 52)، هل يستطيعون وقتها ان يعترفوا بما اقترفوه ام سيكون موقفهم مشابها لما وصف الله به تعالى الكافرين (بعيدا عنهم) {وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (14) لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (15)} (سورة الحجر)، وقوله: { وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ} (سورة الأَنعام 7).
خامسا: فليعلم الجميع لو انني اعلم ان حزب الله او السرايا ارتكبوا اخطاء، بل لو ان ابي او اخي او اقرب الناس اليّ ارتكبوا اخطاء في هذا الامر او في غيره، لأشهدن عليهم غير آبه لأية نتيجة، فان شهادة الحق جزء لا يتجزء من ايمان المؤمن وإسلام المسلمين، ولن نستبيح شهادة الزور كما يفعل الآخرون مهما كان الثمن مرتفعا والإغراءات المفترضة كبيرة، فان عذاب الله اشد وأبقى، ولقد كنت الوحيد الذي اكد في وسائل الاعلام ان (نادر البيومي) قتل تحت التعذيب، فيما طالب الآخرون بلجنة تحقيق، قلت الموضوع لا يحتاج الى لجنة تحقيق فالأمر واضح، فليراجع من يرغب الاشرطة لتلك المعركة، كما ان اهل الفقيد يقدرون موقعي عاليا، كما انني انتقدت حزب الله على امور معينة مرات عديدة في الاعلام وفي غيره.
سادسا: لا نزال نحمل قيادة الجيش مسؤولية هذا اللغط، لأنها تملك التسجيلات الكافية التي تقطع الشك باليقين، وقد رآها من رآها فانتقلوا من موقف المشكك والمرتاب الى موقفنا الواضح، وقد ذكرت ذلك بوضوح في الحلقة ولكنهم اقتطعوا هذا الجزء الهام بل الاهم من شهادتي.
ونقول مرة اخرى لسنا مقتنعين بان عدم نشر هذه التسجيلات هو للحفاظ على معنويات الجيش او انه امتناع عن نشر الفكر المتطرف.
سابعا: ان حزب الله يحمل رسالة الاسلام في المجال السياسي والجهادي، وهو يرفع مع ايران الشعارات التي يجب ان يرفعها كل مسلم: وحدة الامة ومواجهة الاستكبار وزوال الكيان الصهيوني ... الخ، هذا الذي يجمعنا بإيران وبحزب الله بشكل رئيسي كما يجمعنا الاسلام بأركانه ومسلماته الكبرى، ولقد اعلنا مرارا وتكرارا اننا نزداد قناعة يوما بعد يوم بمذهب اهل السنة والجماعة، ونصبح مع مرور الوقت اكثر قدرة على الاقناع العلمي المبني على الآيات البينات وعلى الاحاديث الصحيحة وعلى اجتهاد الفقهاء ثم على التاريخ الإسلامي، وليس على التعصب الاعمى والشتائم والافتراءات التي تنتشر كثيرا على الشاشات الممولة بسخاء... ولكن خلافنا الفقهي مع اخواننا الشيعة لا يسمح لنا بأن نشهد الزور عليهم انتصارا لفئات تدعي انها من اهل السنة والجماعة، فيما هم يمارسون عقيدة وسلوك الخوارج الذين مرقوا من الدين كما يمرق السهم من الرمية، او انهم جزء من السياسة الاميركية - الإسرائيلية في المنطقة.
ثامنا: فيما اصبح سلاح حزب الله يهدد اسرائيل عمليا، كما يعترف الكيان الصهيوني بنفسه وفيما يتواصل محور المقاومة مع غزة الصابرة المنتصرة بالتعاون والتكامل، يعيش البعض اوهامهم ويوهمون الاخرين ان انتصار الاسلام يكون بالانتصار في معارك الزواريب والفتن السخيفة ويجرون جمهورهم الى الصغائر:
وتعظم في عين الصغير صغارها وتصغر في عين العظيم العظائم
تاسعا: قد يتأخر ظهور الحق احيانا وفق خطابه تعالى لسيد الانام محمد صلى الله عليه وسلم: { فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ} (سورة غافر 77)، فاذا تأخر ظهور الحق الذي نحن عليه الى يوم القيامة سنشهد عليكم: { فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ} (سورة الحاقة 19)، اما انتم ففي الجهة الاخرى:
إلى ديان يوم الدين نمضي وعند الله تجتمع الخصوم
ستعلم في المعاد إذا التقينا غدا عند المليك من الظلوم