بسم الله الرحمن الرحيم

ذكريات الإمام الصدر: من الماضي إلى الحاضر

بسم الله الرحمن الرحيم
ذكريات الإمام الصدر: من الماضي إلى الحاضر
أهم ما نحب أن نتذكر به الإمام موسى الصدر هو انه أعطى نموذجا متقدما عن دور العلماء، وذكرنا بدور العلماء الكبار الذين استطاعوا بوقفاتهم أن يغيروا مجرى التاريخ سواء بوقوفهم في وجه الطغاة أم بقدرتهم على جمع شتات المسلمين أم في انجازاتهم التي تنفع الناس وتمكث في الأرض.
ولقد كانت الظروف مناسبة لهذا الدور المتعدد الموحدة فاستطاع الوقوف في وجه الطغيان المحلي المتمثل بالإهمال الرسمي الكامل للجنوب ولظروفه المأساوية سواء لجهة الإنماء أو لجهة تعرضه المستمر للضربات الإسرائيلية الغادرة... كما استطاع أن يشكل قيادة فعلية للمجتمع الجنوبي والبقاعي خاصة... فلقد استطاع أن يضم تحت عباءته الواسعة شخصيات ورجالا وجهات كانت متعددة المشارب ومختلفة التوجهات ، ولقد كنا نفاجأ بوجود نواب وفاعليات وشخصيات كان من المستحيل جمعهم تحت قيادة واحدة، ولكن هذا حصل وكان أمرا يبهر المراقبين والمهتمين، والاهم انه استطاع أن يوجه هذه التناقضات في الاتجاه الصحيح، بل أصبح هؤلاء يتنافسون على من يقدم في هذه الطريق الانجاز الأهم... لو تخيلنا أن هذه الطاقات ظلت مشتتة غير مجتمعة على قيادة واحدة، لكان المشهد مؤلما.
أما المؤسسات فهي شاهدة على ما تستطيعه القيادة الفاعلة في حال كانت جادة في إيصال الخير إلى الناس... إذن، بالنموذج الذي قدمه الإمام الصدر رفع مستوى أداء العلماء الذين اتخذوه قدوة وحاولوا تقليده، بل رفع مستوى القيادات السياسية كلها من جميع الطوائف.
لقد استطاع الإعلام المغرض وبعض الأفلام المصرية على سبيل المثال أن تعطي صورة بشعة عن العلماء، فهم بسطاء، أغبياء، همهم لقمتهم وهم في واقعهم شيء مناقض تماما لما يعظون به الناس على كافة الصعد، كما أعطى بعض علماء السوء صورة عن أن العالم النافذ المرجع المنظور، هو صورة عن الإقطاعي الجنوبي مثلا الذي قد يسطو على أملاك الناس أو على أعراضهم بفتاوى دنيئة تبرر له ذلك، لقد جاء الصدر كالمارد الكبير الذي يصبح الزعماء والإقطاعيون وعلماء "البلاط" جميعا أتباعا يحاولون اللحاق به.
كما أننا لن ننسى كلمته المشهورة التي وجهها إلى ياسر عرفات مباشرة: يا أبا عمار إن شرف القدس يأبى أن يتحرر إلا على أيدي المؤمنين، لقد كانت هذه الكلمات وقتها قريبة عن الأفكار الرائجة، حيث كان الاتجاه الإسلامي غائبا عن الساحة التي تنتشر فيها الأفكار اليسارية والإلحادية.
اليوم بعد هذه السنوات نرى هذه الكلمات أكثر انسجاما مع الواقع: الإسلاميون الملتزمون هم اليوم النموذج الذي يحقق الانجازات في جنوب لبنان وفي غزة وتحت راية إسلامية سليمة وليس كمجموعات الإسلام المزيف الذي تمثله داعش وأمثالها.
رحمك الله يا إمام حيا أو ميتا ورفع ذكرك بين الناس وفي الملأ الأعلى كما ينبغي لأمثالك.