بسم الله الرحمن الرحيم

بين الصيام والداعشية

بسم الله الرحمن الرحيم
بين الصيام والداعشية
مقال كتب خصيصا: لموقع النشرة
يحتاج الإنسان دائما إلى أن يعيد تأهيل نفسه، فالإنسان يميل بفطرته إلى الراحة، إلى المعصية إلى الاسترخاء، والى كل أمر هين... لكن هذه السهولة والدعة تؤذي الإنسان وتأخذ به إلى أمراض كثيرة، فعليه أن يكسر هذا الميل في نفسه ويصحح جسده ونفسه مرة بعد مرة.
كما يحتاج الإنسان يوميا إلى الطعام والشراب والنوم، فلا يستطيع الإنسان أن ينام أسبوعا مثلا ليستيقظ أسبوعا، ولا يستطيع أن يتناول طعاما مغذيا بشكل مميز ليبقى مثلا دون طعام ثلاثة أيام أو أكثر، هكذا هو الإنسان.
كذلك الإنسان بحاجة إلى تذكير روحي ونفسي ومعنوي يرفع نفسه دائما إلى الأعلى ويخفف من انحداره نحو الشهوة والاسترخاء.
هذه وظيفة الصيام كما وظيفة كل العبادات أن ترفع الإنسان دائما إلى مستوى الإنسانية التي ينبغي أن يرتفع إليها.
كذلك المثل على مستوى البشرية بشكل عام التي تنحدر إلى الصراع والقتال والفساد فيرسل الله الأنبياء وأتباعهم ليرفعوا مستوى البشر وليخففوا من التصاق الإنسان بالأرض، بالشهوة وبالاسترخاء... ثم يأتي أناس بعد الأنبياء يعودون إلى ما كانت عليه البشرية {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً} مريم59.
هكذا البشر والبشرية على المستوى الفردي، كما على المستوى الجماعي في حالة (صراع) دائم بين الخير والشر، بين الحق والباطل، بين الجميل والقبيح، بين الحسن والسيء... الخ. كما يتعاقب الليل والنهار والتعب والراحة والشبع والجوع، كما يتعاقب التيار السالب والموجب في الكهرباء ليعطينا الطاقة التي نريد، كما كل شيء في الحياة تتعاقب الأمور فينا.
يأتي الصيام ليعطينا دفعا إلى الأمام ليرفعنا إلى المستوى المطلوب للبشرية ليكون الإنسان أكثر نفعا وأكثر مسالمة وأكثر إنتاجا وأكثر ... إيمانا. قد يقول قائل اننا نقدم بهذه الصورة، صورة خيالية غير واقعية عن الصيام وعن العبادات، فهؤلاء الذين يقتلون اليوم ويذبحون بغير حق، إنما يفعلون ذلك باسم الإسلام ويزعمون أنهم أفضل الناس ويتعالون علينا جميعا بما يعتبرونه واجبات دينية أهملها الآخرون.
نقول نعم هذا مرض جديد، فمن قال أن الدواء نفسه لا يحتاج إلى مراقبة، ومن قال ان كل الأطباء مخلصون في عملهم ولا يستعملون طبهم لإيذاء الناس، ومن قال أن كل الأساتذة والمعلمين يريدون مصلحة الطالب؟ ... الخ.
هكذا، إن هذه الفئة الشاذة، بسبب شدة انحرافها زورت الدواء نفسه، زورت الإسلام وأخضعت المفاهيم الإسلامية إلى مقاييس هم اخترعوها وهم كتبوها بأيديهم وقالوا هي من عند الله.
يجب علينا أن نعي ذلك وألا يجعلنا فساد هذه الفئة وأمثالها أن نظن أن العبادة لا تردع الإنسان عن الفساد بل تساعده، لان هذه العبادة مزورة بمفاهيم خاصة تخالف تعاليم الإسلام.
لقد أثرت هذه الفئات المتخلفة دون شك على فئات كثيرة من الناس وشوهت في عقولهم الإسلام، ولكن العقلاء يستطيعون أن يميزوا بين الحق والباطل والصحيح والمزور والسليم والفاسد ... الخ.
نؤكد اليوم في ظل هذا الفساد المستشري باسم الإسلام على العقلاء ألا يتأثروا بهذا التزوير الكبير الحاصل باسم الإسلام وألا يؤثر هذا الفساد على استقامة من يريد الاستقامة وفقا للآية الكريمة التي يقرأها الناس خطأ ويفهمونها خطأ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}المائدة105.
يظن الناس أن الآية تعني: لا شأن لك بالناس اتركهم يفعلون ما يشاؤون، لا تتدخل فيما لا يعنيك... فيما أن الآية تعني: أيها الناس لا تتأثروا بفساد الناس، ضلالهم على أنفسهم لا تجعلوا ضلالهم يؤثر عليكم فتضلوا مثلهم، هذا هو المعنى المقصود من الآية.
نحن نقول اليوم بالفم الملآن: يا أيها الناس إياكم أن تظنوا أن الإسلام هو هذا الذي يقدمه لكم الدواعش وأمثالهم، لا تجعلوا فسادهم يؤثر على صيامكم وصلاتكم، صوموا وصلوا واعلموا أن فساد بعض المصلين وبعض أدعياء الإسلام لن يؤثر على طهارة الإسلام ولا على استقامة المستقيمين.
فلنكن جميعا من المستقيمين: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ} فصلت30.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته